عز الدين لمين.. أول مغامر مغربي يحقق تحدي “100 قمة”

عز الدين الذي بدأ عمله في الترويض الطبي بمدينة القنيطرة، غربي البلاد، اختار هذا النوع من التحدي عكس باقي الشباب الذين استطاعوا الوصول إلى قمم دولية، وفي هذا الصدد يقول “هي مسألة اختيارات، وأنا اخترت أن أبدأ من بلدي والتعريف به أكثر، موضحا أن هناك قمما أصعب من قمة توبقال الشهيرة التي صعدها 24 مرة”.

ترك العمل لأجل الشغف

عز الدين لمين، 33 سنة، اشتغل مروضا طبيا لمدة سبع سنوات، لكنه سرعان ما سئم العمل كموظف بدوام كامل، بحيث كان الهواء الطلق ورائحة التراب يملآن كل وجدانه. وضع الشاب استقالته من عمله، وارتمى بين أحضان الطبيعة، عازما على قضاء معظم وقته في كنفها.

يحكي الشاب أن اكتشف ولعه سنة 2014، عندما وصل لأول مرة إلى قمة جبل توبقال. وتعد هذه الأخيرة، أعلى قمة جبلية في المغرب وشمال إفريقيا وسابع أعلى قمة في أفريقيا بعلو يبلغ 4167 م.

يضيف لمين في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، “في البداية كنت أتسلق بشكل عشوائي، إلى أن اكتشفت أن التسلق رياضة قائمة بذاتها، لها قواعدها. فشرعت في التعلم وبدأت أبحث عن أصدقاء يتقاسمون نفس الاهتمام معي؛ ومن هنا جاءت فكرة تأسيس نادٍ خاص لممارسة هذه الرياضة والتعريف بها والتشجيع على ممارستها على مواقع التواصل.”

هكذا انطلقت رحلة الألف ميل، حيث قرر عز الدين أن يضع تحديات يحققها بتدرج حتى يبلغ هدف المئة قمة. تسلق الشاب أعلى جبال الأطلس، وبعدها وضع نصب عينيه القمم التي تتجاوز أربعة آلاف متر وفي كل مرة كان يدعو أصدقاء لمرافقته، بالإضافة إلى مرشدين يدلونهم على الطريق.

تشجيع على السياحة الجبلية

يقول لمين في حوار مع “سكاي نيوز عربية”، “الهدف ليس فقط ممارسة رياضة نعشقها، بل التعريف بقمم منسية أو غير معروفة في المغرب، وهي جبال تقع في مناطق نائية. الجميع يعرف القمم المشهورة مثل توبقال أو مَگون، لكنهم لا يكلفون نفسهم عناء البحث عن قمم جديدة. فنحن من خلال النادي الذي أسسناه، نريد أن نقول للمهتمين بالتسلق أن ثلث مساحة المغرب مناطق جبلية، وهناك جبال يصعب تسلقها وتقع في مناطق غير معروفة.”

واسترسل المتحدث قائلا “عن طريق تسلق قمم في مناطق بعيدة وتقاسم وجهاتنا مع متابعي صفحة النادي على مواقع التواصل الاجتماعي، فإننا نشجع على السياحة الداخلية بعيدا عن الوجهات المكتظة، كما أننا ندعو الناس للتنقل إلى مناطق بعيدة عن الأنظار وذلك ليقوموا بالسياحة فيها ويساهموا في تحريك العجلة الاقتصادية لسكان الدواوير الذين يحتاجون إلى الدعم وإلى الدعاية لمناطقهم.”

في هذا السياق، استدرك الرياضي الشاب قائلا “لن أنسى ما حييت شيخا كفيفا، كان يصعد إلى سفح أحد الجبال، يتشبث بذيل بغلته التي تقوده إلى مكانه المعتاد، كان في جعبته بعض الحلويات والمشروبات، ينتظر سائحا ليقتني منه بعضها، وقد يبقى يوما كاملا دون أن يبيع حتى قطعة بسكويت واحدا”.

كاد أن يفقد حياته

لم يكن يعرف عز الدين لمين أن حياته ستتغير عندنا سيترك عملا مستقرا لتمويل هوايته التي أصبحت أيضا مصدر عيشه. ويقول الرياضي “إن ممارسة التسلق، بالإضافة إلى كونها ممتعة، فهي مليئة بالعقبات التي تستدعي التجلد والمثابرة، وتعلم الإنسان التواضع وهي سمة لقنها لي شموخ الجبال وجبروت الطبيعة.”

ويتابع المتحدث “حقاً، واجهت أنا وأصدقائي في النادي تحديات كبيرة، وأؤكد لكم أنني كدت أن أفقد حياتي في مناسبات كثيرة.” أحيانا كنت أجد نفسي في مأزق بين مسالك الجبال الوعرة، وكان الطقس في أوقات كثيرة لا يساعدنا”.

ويتذكر لمين أنه نجى بأعجوبة ذات يوم من موت محقق عندما أضاع سبيله، وسلك طريقا وعرة أثناء صعوده لقمة جبل الرات بالأطلس الكبير (3798 متر) ولولا الألطاف الإلهية لكان في عداد الموتى.

حلم مستمر

يقول الشاب إن تحقيق هدف “مئة قمة” كلفه حوالي 13 ألف دولار، أنفقها على أدوات التسلق والنقل والطعام والمبيت وواجبات المرشدين وغير ذلك من المصاريف.

ويعتزم الشاب ابتداء من العام الجاري أن يسافر رفقة أربعة أصدقاء، بينهم متسلقة، إلى آسيا بغرض الصعود إلى قمم خمسة جبال تتجاوز قممها سبعة آلاف متر.

ويتمنى الشاب الطموح أن ينال لقب “نمر الثلوج” الذي يُمنح للمتسلقين الذين يتمكنون من بلوغ هذه القمم الخمسة، وسيكون إذا تمكن من ذلك، أو متسلق مغربي وعربي يحقق هذا الإنجاز.