كيف تحافظ الجمعيات على “التويزة” بين الجزائريين؟

وفي الوقت الحالي، تلعب جمعيات من مختلف مناطق البلاد دورا كبيرا في الحفاظ على مبادرات التكافل الاجتماعي لتبقى عنوانا للتعاضد بين الجزائريين، خاصة فيما يتعلق بإنجاز أعمال خيرية أو مساعدة محتاجين أو بناء مسجد أو منزل، إضافة إلى عملية جني في حقول القمح وأشجار الزيتون.

وبمناسبة إحياء “اليوم العالمي للتطوع” المصادف لـ5 ديسمبر من كل سنة، تم تنظيم عدة فعاليات في الجزائر، بهدف تسليط الضوء على “التويزة” وتنظيم معارض تلخص نشاطات العديد من الجمعيات لإبراز جهودها في العمل التطوعي.

مثال حيّ من منطقة “القرارة”

وفي هذا السياق، تبرز عدة جمعيات داخل البلاد من بينها جمعية الشيخ بن علي الطالب مبارك الثقافية ببلدية القرارة في محافظة غرادية (600 كم جنوب الجزائر العاصمة). وقد عُرفت بالتركيز في نشاطها على “التويزة”، باعتبار أن تلك المنطقة من الصحراء الجزائرية مشتهرة منذ القدم بالعمل التطوعي الجماعي.

ويقول رئيس الجمعية ذاتها، بن علي محمد الأمين، إن “التويزة تعد عادة اجتماعية متجذرة وسط المجتمع في غرادية وبالخصوص القرارة، فهي جزء من الموروث الاجتماعي وجب المحافظة عليها من الاندثار”.

ويؤكد بن علي محمد الأمين، في حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية”، أن “العمل الجماعي التطوعي لدى أهل القرارة عادة وموروث شعبي من خلال القيام بأعمال الحصاد وصيانة الآبار في البادية وجني التمور في البساتين وبناء المساجد وحتى ترميم المقابر وصيانتها وأيضا عند النساء عبر غسل وغزل الصوف وعملية الصباغة التي يجتمعن فيه نساء الحي جميعا”.

وأفاد المتحدث ذاته أن آخر نشاط قامت به الجمعية كان بمناسبة اليوم العالمي للتطوع 05 ديسمبر بمشاركة طلاب المدارس وذوي الهمم، حيث قاموا بحملة للتنظيف، مشيرا إلى أن هذا النشاط يهدف إلى ترسيخ مبادئ العمل الجمعوي التطوعي في نفوس الأطفال والمحافظة عليه.

“التويزة” بلمسة عصرية

وفي محافظة بجاية شرق الجزائر العاصمة، تقوم جمعية “ثافسوت” (تعني فصل الربيع باللغة الأمازيغية) الناشطة بقرية تاوريرت الأربعاء ببلدية “وادي غير” بعدة مبادرات اجتماعية تنشد من خلالها التعاون الاجتماعي بين السكان.

وقد تمّ تكييف تنظيم “التويزة” مع التطور المادي والتكنولوجي، حيث عرف لمسة عصرية من خلال اعتماد بعض الجمعيات على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إطلاق مبادراتهم الرامية إلى حشد التكافل الاجتماعي بين القرويين في مناسبات معينة خاصة في بعض القرى الجبلية.    

وفي هذا الإطار، أفاد رئيس جمعية “ثافسوت”، عبد القادر غانم لـ”موقع سكاي نيوز عربية” أنه أصبح يعتمد على صفحة الجمعية عبر موقع “فيسبوك” عند القيام بمبادرة اجتماعية معينة مثلما قاموا به في عيد الأضحى الماضي بدعوتهم لاقتناء أضاحي للمعوزين.

ولكنه بالمقابل، أكد غانم أن هناك بعض الجمعيات في منطقة القبائل (شمال شرق الجزائر) خاصة بمحافظة تيزي وزو لا تزال متمسكة ببعض الطرق التقليدية في تنظيم “التويزة”، مقدّما مثال “البرّاح” وهو رجل يحمل البندير (آلة موسيقية إيقاعية) بين يديه ويصعد إلى القرى الكبيرة في أعلى الجبل مناديا عليهم للمسارعة في تقديم يد العون في مشروع خيري.

مدّ يد العون للمحتاجين

وفي الغرب الجزائري مثل باقي جهات البلاد، تُسابق جمعيات عديدة الزمن، حيث تجوب المناطق البعيدة بالتعاون مع المحسنين بحثا عن من يحتاج يد المساعدة من مختلف الفئات وهذا على مدار السنة.

وتعتبر جمعية “سواعد الإحسان” من الجمعيات الوطنية الرائدة في هذا المجال، كما أن فرع الجمعية بسيدي بوبكر بمحافظة سعيدة (غرب الجزائر) من الفروع الناشطة والمساهمة في الميدان الخيري التطوعي في تلك الجهة.

وأبرز رئيس جمعية سواعد الإحسان بسيدي بوبكر –سعيدة-، خالد شرفاوي، في حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية”، أن “الجمعية تعتبر وسيطا بين المحتاجين والمحسنين، كما أنها تلمس تجاوبا كبيرا من طرف المواطنين عند قيامها بنشاطها التكافلي”.

وقد عملت هذه الجمعية في الفترة الأخيرة على توزيع ملابس شتوية على 50 عائلة محتاجة، إضافة إلى قفف مجهزة بالمواد الغذائية كما ساهمت في تنظيم عملية زواج جماعي للشباب.