مستقبل اليمن في ظل إستمرار مليشيات الحوثي
يعيش اليمن تحت سيطرة مليشيات الحوثي حالة من الإنهيار الشامل الذي انعكس بشكل مباشر على مختلف جوانب الحياة،حيث إن تدهور التعليم والإقتصاد والمجتمع أصبح مترابطًا بشكل لا يمكن فصله ففي قطاع التعليم أدى إنقطاع رواتب المعلمين ونقص الموارد التعليمية إلى تدنٍ ملحوظ في جودة التعليم مما دفع العديد من الأطفال إلى ترك مدارسهم والإنخراط في سوق العمل،وهو ما ساهم في تفاقم الأزمة الإقتصادية، فالإقتصاد الذي يعاني من إنهيار شبه كامل بسبب الحرب وسياسات مليشيات الحوثي يشكل ضغطًا إضافيًا على الأسر التي تجد صعوبة متزايدة في توفير إحتياجاتها الأساسية، كالغذاء والماء، ناهيك عن تكاليف التعليم التي باتت عبئًا لا يُطاق.
هذا الإنهيار الإقتصادي زاد من معدلات الفقر والبطالة، مما أثر بشكل مباشر على النسيج الإجتماعي،حيث أصبحت الأسرة اليمنية تواجه ضغوطًا نفسية وإجتماعية خانقة كذلك تردي التعليم والإقتصاد أدى إلى إضعاف قدرة المجتمع على الصمود أمام هذه التحديات، خاصة مع تفشي الأمراض وتراجع الخدمات الصحية بسبب غياب التمويل وإحتكار الموارد، ففي ظل هذه الظروف يجد اليمنيون أنفسهم في صراع يومي لتأمين لقمة العيش، ومحاولة الحفاظ على مستقبل أبنائهم، وسط واقع يفرض عليهم الإذعان لسياسات تفرض الضرائب والإتاوات وتزيد من معاناتهم.
إن إستمرار سيطرة مليشيات الحوثي على اليمن لعقد أو عقدين من الزمن يحمل تداعيات كارثية على الأجيال القادمة والنسيج الاجتماعي، إذ أن تدمير التعليم بفعل سياسات التهميش وتسييس المناهج الدراسية سيؤدي إلى ظهور أجيال تفتقر إلى المهارات والمعرفة الأساسية،ما يعمّق الجهل ويضعف القدرة على النهوض بالمجتمع فغياب التعليم السليم لن يقتصر أثره على المستوى الفردي فحسب، بل سيمتد ليعيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، حيث ستظهر فجوات معرفية ضخمة،وستفقد البلاد كوادر قادرة على إعادة بناء المؤسسات وإدارة الموارد ففي ظل هذا الفراغ التعليمي ستزداد إحتمالات تسرب الشباب نحو التطرف أو التجنيد القسري مع المليشيات، مما يعزز من دوامة العنف والصراع والتفرقة المجتمعية المبنية على تعميق الإنقسامات المذهبية والمناطقية التي تتبعها مليشيات الحوثي والتي ستؤدي إلى تصاعد مشاعر الكراهية والعداء بين أبناء الوطن الواحد، مما يهدد بتحويل الخلافات المؤقتة إلى صراعات طويلة الأمد فمع تآكل القيم المجتمعية التي كانت تشكل ركيزة أساسية للتعايش والتضامن بين اليمنيين، ستتحول الأسرة والمجتمع إلى كيانات هشة غير قادرة على مواجهة التحديات، كما أن فرض ثقافة الإقصاء والتبعية سيعزز من روح الإستسلام لدى الأفراد، ما يفاقم حالة الإنهيار الشامل وسيجد اليمنيين أنفسهم أمام دولة مفككة،يسيطر عليها الجهل والصراع دون أي أفق لإعادة البناء أو تحقيق الاستقرار، وهو ما يهدد مستقبل الأجيال ويجعل التعافي أصعب بكثير.
السياسات الحالية التي تتبعها مليشيات الحوثي تلقي بظلالها الثقيلة على الإقتصاد ومستوى المعيشة، ما يؤدي إلى تعميق الأزمات الإقتصادية والإجتماعية بشكل غير مسبوق فسيطرة الجماعة على الموارد الإقتصادية وفرض الإتاوات والضرائب التعسفية يؤدي إلى إستنزاف القطاع الخاص وتدمير فرص الإستثمار، ما يدفع العديد من الشركات والمشاريع إلى الإغلاق، ويزيد من معدلات البطالة بشكل مقلق ومع إرتفاع البطالة، تجد الأسر نفسها عاجزة عن تأمين إحتياجاتها الأساسية، مما يرفع معدلات الفقر إلى مستويات كارثية.
إستمرار هذا الوضع ينعكس بشكل مباشر على تدهور مستوى المعيشة،حيث تصبح السلع والخدمات الأساسية، مثل الغذاء والماء والطاقة، شبه معدومة أو باهظة التكلفة، مما يدفع العديد من العائلات إلى البحث عن المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة إضافةً إلى ذلك، فإن تفشي الفقر والبطالة يولّد حالة من النزوح الداخلي، حيث يضطر المواطنون تحت سيطرة مليشيات الحوثي إلى ترك منازلهم بحثًا عن مناطق أقل تأثرًا بالأزمات في المناطق المحررة وهو ما يزيد من العبء على المناطق المحررة ويخلق صراعات جديدة على الموارد المحدودة.
على الصعيد الإجتماعي، يؤدي هذا الإنهيار الإقتصادي إلى تآكل الروابط الأسرية والمجتمعية، حيث تفقد الأسر قدرتها على تحمل الضغوط اليومية، وتزداد حالات التفكك الأسري والعنف المجتمعي كما أن إرتفاع معدلات النزوح يُضعف البنية المجتمعية، ويخلق تجمعات سكانية غير منظمة تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات، ما يزيد من معاناة النازحين ويجعل من الصعب إعادة تأهيلهم أو دمجهم في المستقبل.
إن الدعوة إلى الحلول ضرورة ملحّة لإنقاذ اليمن من الإنهيار الشامل، حيث إن إنقاذ التعليم والمجتمع ليس مجرد هدف محلي، بل مسؤولية جماعية تضمن مستقبل الأجيال القادمة وإستقرار البلاد،التعليم هو الركيزة الأساسية لأي عملية بناء، إذ أن إستمراره في الإنهيار سيؤدي إلى تفاقم الجهل وزيادة التطرف وضياع فرص التنمية لذلك فإن التحرك لإنقاذه يعني ضمان وجود جيل قادر على إعادة بناء الوطن وتحقيق الإستقرار، أما على المستوى المجتمعي فإن إصلاح النسيج الإجتماعي يتطلب جهودًا لمعالجة الإنقسامات الطائفية والمناطقية التي تهدد الهوية الوطنية، والعمل على تعزيز قيم الوحدة والتعايش.
على اليمنيين أنفسهم أن يكونوا في طليعة هذا التحرك من خلال تعزيز وعيهم بالمخاطر المحيطة والضغط من أجل إنهاء سيطرة هذه الجماعة الإرهابية وإستعادة العاصمة صنعاء وجميع المناطق التي تسيطر عليها،كما يجب أن يكون هناك دور فاعل للنخب السياسية والإجتماعية لإيجاد حلول مستدامة والتكاتف لوقف النزاعات الداخلية، أما الدعم الإقليمي والدولي فهو عامل حاسم في تغيير الواقع إذ إن تقديم مساعدات مالية وفنية موجهة نحو تحسين التعليم وإعادة الإعمار يمكن أن يساهم في عملية التعافي.
اليمن يواجه تحديات مصيرية تتمثل في إنهيار التعليم،وتفاقم الفقر والبطالة، وإنهيار النسيج الإجتماعي بسبب السياسات الطائفية والصراعات والحروب الذي تفرضها مليشيات الحوثي منذُ إنقلابها على الدولة وإستمرار هذا الوضع يعني مستقبلًا مظلمًا للأجيال القادمة، حيث يتعمق الجهل، ويستمر العنف، وتُفقد فرص التنمية والإستقرار،لكن هذا المصير ليس حتميًا، التغيير ممكن إذا توحدت الجهود الداخلية بدعم إقليمي ودولي لإستعادة الدولة وإصلاح التعليم،وتعزيز الوحدة الوطنية، وإعادة بناء الاقتصاد. المستقبل يُكتب الآن، وما يحتاجه اليمن هو إرادة حقيقية لاتخاذ خطوات جادة تنقذ البلاد من دوامة الإنهيار وتفتح أفقًا جديدًا للأمل والسلام.