حكاية شاب مصري في إيطاليا.. أمانته تثير تقدير الجميع

ورغم أن الواقعة تعود لنهاية يناير الماضي، إلا أن صداها وصل مواقع التواصل الاجتماعي بمصر هذه الأيام، وتناقل مدونون، منشور كتبه صحفي إيطالي يمتدح فيه أمانة الشاب المصري أحمد كمال، ويدعو إلى عدم التحيز ضد المسلمين.

وبدأت الواقعة يوم 25 يناير الماضي، عندما لم يكن يعلم الصحفي الإيطالي نيكولو بياسينتينو، ما تخفيه له الأقدار من تدابير في هذا اليوم بعد فقدان حقيبته التي تحتوي على أشياء ثمينة تخصه.

اعتاد نيكولو الذي يعمل في شركة بانيجاي إيطاليا للإنتاج التلفزيوني، التنقل بدراجته البخارية، وكما العادة يضع حقيبته تحت غطاء مصدات الريح، وفي اليوم الموعود، اكتشف فقدان الحقيبة بعد وصوله إلى مقصده.

يقول الصحفي الإيطالي: “عند وصولي إلى وجهتي أدركت أن حقيبة الظهر قد اختفت، وسقطت على طريق طوله عدة كيلومترات دون أن ألاحظ، تتبعت الرحلة بالعكس، لكن لم أجد شيئًا، حتى أصابني اليأس في النهاية“.

وأضاف عبر منشور كتبه على حسابه بموقع فيسبوك: “بعد بضع ساعات، بينما كنت في طابور لتقديم الشكوى، تلقيت مكالمة هاتفية، بفضل ملصق موجود على حقيبة الظهر، مكتوب عليه رقم هاتفي، وكانت المفاجأة أن شخص وجد الحقيبة واتفقنا على اللقاء لإعادتها“.

تصرف مذهل

الرجل الذي وجد الحقيبة، كان المواطن المصري أحمد كمال، الذي انتقل إلى إيطاليا منذ 19 عامًا، ويقيم في مدينة ميلانو مع أسرته، ويعمل في شركة بريسسو أوليفا للعقارات.

يقول كمال، إنه في ذاك اليوم كان ينهي إجراءات تجديد الإقامة لزوجته، التي انتهت مبكرًا على غير المعتاد، وبعد أن قام بتوصيلها إلى المنزل، قرر أن يذهب للعمل.

ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية، “أثناء سيري فوجئت بحقيبة ملقاة في وسط الطريق، لا يتلفت إليها أحد، ويبدو عليها أنها قيمة، ولا تخص أحد المشردين، مما دفعني للتوجه إليها، لاستكشاف الأمر“.

يتابع الرجل: “بعد أن تفحصتها، وجدت بها أشياء قيمة جدًا؛ كاميرا وجهاز كمبيوتر، وأدوات أخرى لا أعرفها، لكنها تبدو أشياء ثمينة، وأثناء تفحص الحقيبة عثرت على رقم هاتف على ملصق، قمت بالاتصال به أكثر من مرة، لكنه لم يأتي رد من الطرف الآخر

يكمل الشاب المصري حكايته، فيقول: “حاولت مرارًا الاتصال بالهاتف، حتى أتى الرد من الطرف الآخر، أخبرته أنني عثرت على حقيبته، وأريد إعادتها، أبدى الرجل ذهوله، وكرر السؤال، هل فعلا أنت جاد في إعادتها؟ قلت له بكل تأكيد، اتفقنا على الموعد وكان اللقاء“.

ضد التحيّز

يقول الصحفي الإيطالي إنه عندما وصل إلى لقاء الشاب المصري، وجد شاب ذو مظهر مهندم ورائع ينتظره، بينما تتعلق الحقيبة بكتفه، لم يخف نيكولو سعادته وهو يصف المشهد، فيقول: “شكرته، وسألته دفع مقابل على هذه اللفتة العظيمة منه، لكنه أجابني مبتسمًا: “أنا مسلم، لا يمكنني قبول أجر“.

ويختم نيكولو الحكاية التي شاركها أشخاص عدة على مجموعات فيسبوك، خاصة بإيطاليين ومصريين مقيمين في إيطاليا: “هذه القصة ضد التحيّز، لكارهي المسلمين، لأننا في الحقيقة جميعا بشر، في السراء والضراء، في الواقع شكرًا“.

من جانبه يعود أحمد كمال، ليقول: “عندما أكدت للصحفي الإيطالي أنني سأعيد حقيبته، لم يصدق، لدرجة أنه بكى، وأخبرني أنه الأهم من الأجهزة، البيانات التي تتضمن تفاصيل عمله، هي الأكثر أهمية بالنسبة له، ولا تقدر بمال“.

ويضيف أنه رفض يأخذ أي مقابل نظير أمانته، وهو ما جعل الرجل الإيطالي يلقبه مازحًا بـ “سانتو كمال” بالإيطالية، أي قديس أو مقدس بالعربية، لافتًا إلى أنه لم يكن يتوقع كل هذا التفاعل مع القصة، ولم يعرف بتداول مواقع التواصل الاجتماعي لها إلا من والدته التي تقيم في مصر.

بعد مصافحة نيكولو عرض عليّ توفير فرصة عمل، لكنني أخبرته أنني أعمل في شركة كبيرة، وأوضاعي مستقرة، فطلب رقم هاتفي، وحسابي على موقع فيسبوك، وفي اليوم الثاني كتب منشور يشكرني فيه، ولم أتوقع أن يكون هناك أي ردود أفعال على الإطلاق، حتى أخبرتني والدتي، ذات صباح أن صوري تملأ مواقع التواصل الاجتماعي“.

يقول كمال أن مدير شركته فرانشيسكو أوليفا، عندما علم بالأمر، قام بمشاركة منشور نيكولو، وشكرني على هذا الموقف“.

نموذج مشرف

وقال فرانشيسكو أوليفا، تعليقًا على موقف الشاب المصري: ” التقيت أحمد كمال بعد وضع إعلان وظائف، وبعد 5 دقائق من مقابلته تم تعيينه، لكن ليس لما قاله لي ولكن بسبب الطريقة التي تحدث بها“.

ويضيف أوليفا عبر حسابه على موقع فيسبوك: “كمال كان يتحدث بمزيج من العاطفة والتواضع والرغبة في العمل والميل القوي للعلاقات الإنسانية، الحقيقة أنه جيد في وظيفته، وهذا ما عرفته بعد ذلك، مع التحيات“.

منشور مدير الشركة

ويختم أحمد كمال حديثه لموقع سكاي نيوز عربية: “نرى تصرفات السيئة من البعض، لكن الأغلبية لا تفعل ذلك، على العكس هناك عشرات المواقف، مثل الذي فعلته، تحدث يوميًا ولا يعرف عنها أحد”.

وأعرب عن أمله في أن يسهم حديث الصحفي الإيطالي عن أمانته في تغيير الصورة السيئة عن العرب والمسلمين لدى البعض في إيطاليا.