هل ينجح المسار الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران؟

وقال الجنرال كينيث ماكينزي، قائد القيادة الأميركية الوسطى، إن “إيران والتنظيمات الإرهابية لا تزالان الخطر الأساسي في المنطقة”.

وأوضح ماكينزي في ندوة افتراضية مع معهد واشنطن، إن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة يضع في اعتباره ثلاثة مرتكزات هي “مواجهة الإرهاب المتمثل بالتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، ومواجهة سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، والتصدي لمحاولات روسيا والصين من التمدد في تلك المنطقة الاستراتيجية”.

يعد الملف النووي الإيراني من بين الملفات التي يتبادل بشأنها النظام الإيراني وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، عدة مواقف متفاوتة، حسبما يوضح الباحث في العلوم السياسية، الدكتور محمود حمدي أبو القاسم، في تصرحه لموقع “سكاي نيوز عربية”، لافتاً إلى أن “المسار الدبلوماسي” الذي أعلن عنه بايدن لا يعني “عودة مجانية للاتفاق النووي”.

ويضيف حمدي أبو القاسم: “كشف جو بايدن عن موقفه من الاتفاق النووي، خلال مرحلة مبكرة من الحملة الانتخابية، حيث أعلن في أيلول (سبتمبر) 2020 عن تبني مسار موثوق للعودة إلى الدبلوماسية، بحيث إذا عادت إيران إلى الامتثال الصارم للاتفاق النووي، فستعاود الولايات المتحدة بالتبعية الانضمام إلى الاتفاق كنقطة انطلاق لمفاوضات المتابعة”.

 بيد أن المسار الدبلوماسي الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي، يبدو أنه مازال يبحث عن إطار سياسي وآليات إجرائية يعمل عليها فريقه، حسبما يشير الباحث في العلوم السياسي، لافتاً إلى أن “تصريحات المسؤولين المعنيين بملف إيران يضعون الخطوط العريضة للمقاربة المحتملة، ولذلك عمد بايدن إلى اختيار روبرت مالي مبعوثا خاصا لإيران، وهو كان أحد مهندسي الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وله نجاحاته السابقة في المفاوضات بشأن القيود على البرنامج النووي الإيراني، كما يحظى بثقة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن“.

وسوف يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ في الاعتبار أولوياتها بخصوص مسألة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لأن “إيران نفذت خطوات تصعيدية وتجاوزت الالتزامات النووية رداً على العقوبات الأميركية أثناء فترة دونالد ترامب”.

ومن جانبه، شدد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، على أن “من الأولويات القصوى والمبكرة لإدارة بايدن التعامل مع أزمة متصاعدة مع إيران، مع اقترابها من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لامتلاك سلاح نووي”.

وتبعاً لذلك، يردف حمدي أبو القاسم بأن “أي إطار تفاوضي بين الولايات المتحدة وإيران، سوف لن ينحصر في العودة للاتفاق، إنما سيمتد لتوسيع الاتفاق وإطالة فترته الزمنية” موضحا أن “المفاوضات القادمة سوف تكون بمشاركة أطراف إقليمية لتسوية الخلافات بشأن ملف الصواريخ الباليستية، ومعالجة ملف السلوك الإقليمي وأخيرا ملف حقوق الإنسان، بوصفها معا تمثل حزمة تهديد واحدة تؤثر على الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، وهو ما شرعت إدارة بايدن فيه بالفعل، من خلال التشاور في هذا الشأن مع الحلفاء الأوروبيين والشركاء الإقليميين وأعضاء الكونغرس”.

ويلفت المصدر ذاته إلى الحديث عن طلب بلينكن من المبعوث الأميركي الجديد لإيران بضرورة “تشكيل فريق تفاوض يتكون من دبلوماسيين وخبراء، لهم مواقف مختلفة بشأن مستقبل الاتفاق النووي، والاستعانة كذلك بأشخاص ممن يوصفون بالصقور، وذلك لصياغة استراتيجية متوازنة ومتكاملة للتعامل مع إيران”.

كما يلمح إلى “اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي، في الخامس من يناير العام الحالي، بجانب المشاورات التي ستقوم بها إدارة بايدن على الصعيدين الإقليمي والدولي، والتي على ما يبدو ستكون حاسمة في هذا الجانب، حيث تعكس رغبة أميركية في أن يتم التوصل لتسوية مع التيار الإصلاحي بإيران، قبل الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها منتصف العام الحالي، حيث تتزايد فرص نجاح المفاوضات، فضلا عن تأثير ذلك على نتائج الانتخابات”.

 ومن جانبه، قال المرشد الإيراني علي خامنئي رداً على التحركات الأميركية: “لا نصر على عودة الولايات المتحدة للاتفاق، ولا نستعجل ذلك، لكن لنا مطلبا منطقيا هو رفع العقوبات”، وهو ما يعتبره الباحث في العلوم السياسية “شرطا إيرانيا يمثل إعاقة للحل والتفاوض” لأنه بحسب تصريحات المرشد الإيراني فإن “موقف إيران مناقض بالكلية للموقف الأمريكي، حيث تطالب إيران برفع العقوبات أولاً وعودة التزام الولايات المتحدة ببنود الاتفاق النووي والوفاء بالتزاماتها، كما ترفض تعديل الاتفاق، ولا ترغب في مشاركة أطراف أخرى في الاتفاق، وعدم إضافة أية قضايا أخرى للاتفاق”.

ويقابل الموقف المتشدد من المرشد الإيراني، السياسة المرنة للرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف، حيث قال الأخير: “إذا يريدون العودة للاتفاق النووي، وينفذوا التزاماتهم، سننفذ نحن أيضا ذلك، وإذا يوقع بايدن الأمر التنفيذي، سنوقع بدورنا، وعندما ينفذوا، ننفذ نحن أيضا”.

وأكد ظريف، الأحد الماضي، أن حصول إيران على تعويض من واشنطن على خلفية انسحابها من الاتفاق النووي، المبرم عام 2015، لا يعد “شرطا مسبقا” لإحياء الاتفاق، حسبما قال، مشيرا إلى أن “الموعد النهائي لوقف الالتزام بالبروتوكول الإضافي الذي يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمنشآت إيران النووية، هو في 21 فبراير الجاري”، غير أن ذلك لا يعني “وقف إيران تطبيق البروتوكول الإضافي وإغلاق الباب تماماً في وجه الاتفاق النووي”.

وطالب وزير الخارجية الإيراني واشنطن، بالعمل سريعاً للعودة إلى الاتفاق النووي، ووصف الأمر بأن “الوقت ينفد أمام الأميركيين”، لافتا إلى مخاوفه من “تأثير الانتخابات التي ستجرى في إيران في يونيو العام الحالي، حيث في حال انتخاب رئيس من المحافظين يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقويض الاتفاق بشكل أكبر”.