“هزمنا التنمر”.. قصص ملهمة لمصابين بالشلل الدماغي في مصر

يقول زياد حمدي، 23 عاما، إنه رغم التحديات التي واجهها نجح في التأقلم بدعم المقربين منه من أهله وأصدقائه، ليتفوق بدرجة 101% في الثانوية العامة ثم الالتحاق بكلية الصيدلة جامعة القاهرة.

“بالتأكيد واجهت العديد من التحديات، نظرات الشفقة من البعض والتنمر من آخرين، لكنني نجحت في مواجهة كل هذه التحديات ولم أستسلم”، هكذا تحدث زياد حمدي لموقع “سكاي نيوز عربية”، موضحًا أن الصعوبات في الكلام والحركة لم تعقه عن التعايش.

نجاحات رياضية وعلمية

مارس زياد العديد من الألعاب الرياضية على رأسها لعبة البوتشي، موضحا أنه حصل على المركز الثاني في المسابقة على مستوى الشرق الأوسط، ضمن مسابقات نظمتها اللجنة البارالمبية والاتحاد المصري لرياضات ذوي الشلل الدماغي، وسبق أن حصل على 7 ميداليات ذهبية و5 فضيات و3 برونزيات في مسابقات جري لمسافات 200 و400 و800 متر، بالإضافة إلى تمثيله مصر في المؤتمر العالمي للاعبين القادة للأولمبياد الخاصة.

 

ويؤكد زياد في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه أصر على الالتحاق بكلية الصيدلة رغم تعنت الإدارة بحجة عدم قدرته على التعامل في الكلية لكنه نجح في ذلك، الغريب أنه يدرس أيضا التسويق بجانب دراسته الصيدلة، لافتا إلى أن وجود اتحاد للشلل الدماغي سهل عمليات ممارسة الرياضة وفقًا لحالته مع نفس التصنيف الطبي له.

زياد ليس الوحيد الذي نجح في تجاوز هذه التحديات، فـ “أبانوب وحيد” الحاصل على ليسانس الحقوق جامعة القاهرة حقق أيضًا أحلامه في أن يصبح لاعب منتخب مصر للبوتشي، ويحصل على ميدالية البرونزية في البطولة العربية الإفريقية بدولة تونس لعام 2019.

رحلة أبانوب مع البطولات

يؤكد أبانوب لـ”سكاي نيوز عربية”، أنه يحلم منذ صغره بإنجاز يفيد المجتمع ويمكنه من الاندماج فيه، موضحًا أنه نجح في الحصول على 14 ميدالية في بطولات للسباحة والبوتشي.

ويتابع لاعب البوتشي وأحد ذوي الشلل الدماغي، أن تجربة تمثيل منتخب مصر غيرت فيه الكثير: “تمثيل بلدي شرف لي ووسام على صدري، وغيَّر من حياتي رغم الصعوبات في الحركة والتنقل وضعف الإمكانيات”، موضحًا أنه تحول من شخص يجلس في المنزل لا حول له ولا قوة إلى شخص يمثل بلده في بطولات عالمية.

 

ويعتبر أبانوب أن والدته وأولياء الأمور هم الجندي المجهول في رحلة تحقيق مرضى الشلل الدماغي لذاتهم، إذ أنهم يساعدوهم في الحركة والتنقل والتدريب، موجها الشكر أيضًا إلى كل من دعمه من أصدقائه وأقاربه.

ترسم بالفم وتكتب الشعر

قصة أخرى بطلتها صفاء طه التي لم تتجاوز 17 عاما، إحدى مرضى الشلل الدماغي، متعددة المواهب، ما بين الرسم بالفم وكتابة القصص والشعر والتقديم الإذاعي، وهو ما أهلها لتكون سفيرة السلام العالمي، والمركز الثالث في تحدي القراءة على مستوى مصر.

 

تقول صفاء في حديثها لـ “موقع سكاي نيوز عربية”، إنها تجاوزت كل التحديات ومارست هواياتها المفضلة سواء الرياضية بممارسة لعبة البوتشي أو الرسم بالفم وكتابة القصص والأشعار والمشاركة في الندوات والمؤتمر وإعطاء الطاقة الإيجابية لمن حولها.

وطالبت صفاء بضرورة توصيل صوتهم للمسئولين لدعمهم بصورة أكبر للاندماج في المجتمع وتسهيل حياتهم في التعايش وتحقيق أحلامهم، موضحة أن تلك الأحلام تنقلها عبر برنامج إذاعي تقدمه وتناقش فيه مختلف قضايا المجتمع.

واستطاعت صفاء التغلب على إعاقتها الحركية لتكتب وترسم بفمها وقدمها اليمنى، وتستخدم الكمبيوتر بفمها، مضيفة “نحن لسنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل نحن من ذوي القدرات الخاصة”.

الجندي المجهول

ويقول طه عبد اللطيف، والد صفاء، إنه نجح في الوصول بصفاء إلى مستويات جيدة على المستوى التعليمي والهوايات التي تمارسها مثل “الرسم والإذاعة والفويس أوفر والمونتاج”، مؤكدا أنها نافست في كثير من المسابقات وتقدم برنامجا إذاعيا عبر اليوتيوب.

وأكد أن معاناة التعامل ودعم مرضى الشلل الدماغي لا تقتصر عليه فقط بل تمتد أيضًا إلى الأسرة خاصة الوالدين والإخوة، موضحًا أن مجهود الاهتمام بهم ينتقص من الاهتمام بباقي أفراد الأسرة ويضغط على الوالدين وهو ما يعني أنها معاناة ثلاثية.

وشدد على ضرورة وجود دعم أكبر من الدولة لأن هذه الفئة يمكن أن تُساعد بشيء مفيد للمجتمع، خاصة وأنهم يمثلون ما يقرب من 10% من المجتمع، لافتا إلى أنه رغم كل الجهود التي توفرها الدولة فإنهم يحتاجون لدعم أكبر من مؤسسات المجتمع والاتحاد المصري لذوي الشلل الدماغي الذي ساعد في اندماج أبنائهم في داخل المجتمع.

نسبة الإعاقة

ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن نسبة الإعاقة في مصر تتراوح بين 10 و12% من عدد السكان، أي أن مصر بها ما يقرب من 10 ملايين معاق، لكن لا يوجد إحصاء دقيق لأعدادهم في مصر رسميا، وهو المشروع الذي عمل عليه المجلس القومي للإعاقة منذ إنشائه.

ويصيب الشلل الدماغي 9.77% ممن هم أقل من 5 سنوات، و5.9% للأطفال في عمر 5 سنوات إلى أقل من 10 وتعود الإصابة للارتفاع ثانية من عمر 10 سنوات إلى أقل من 15 سنة بنسبة 8.66%، وذلك حسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نشرت عام 2010 عن نسب انتشار الإصابة بالشلل الكلي أو الجزئي الدماغيCP، في مصر.

إلى ذلك، أكد أحمد آدم رئيس الاتحاد المصري لرياضات اللاعبين ذوي الشلل الدماغي، وجود أبطال من ذوي الشلل الدماغي في مختلف الرياضات يرعاهم الاتحاد عبر تنظيم المسابقات وعمل المعسكرات والاهتمام بالنواحي البدنية والمهارية وتوفير الزي الرياضي المناسب والإقامة والأماكن المناسب.

 

وعلى مستوى الدعم النفسي والاجتماعي، أوضح آدم في حديثه لـ “موقع سكاي نيوز عربية”، أن الاتحاد شكل لجنة من متخصصين في علم النفس الرياضي والعلوم الصحية وأخصائيين نفسيين واجتماعيين لدعمهم، لافتًا إلى أنها ستبدأ باكورة أعمالها الشهر المقبل من خلال تنظيم ورشة عمل للاعبين وأولياء الأمور لتوفير الدعم النفسي لهم.

وأضاف أنهم عملوا أيضًا خلال أزمة كورونا والمستمرة حتى الآن على توعية مرضى الشلل الدماغي بكيفية تجنب الإصابة وحماية أنفسهم من خطر الفيروس.

وتضم المسابقات التي ينظمها الاتحاد حسب آدم، ألعاب القوى والسباحة وكرة القدم والبوتشي، موضحًا أن الاتحاد يعمل أيضًا على إعداد الفرق القومية المشاركة في البطولات القارية والدولية والبارالمبية.