خلافات تعصف بقيادات الصف الأول لمليشيا الحوثي وتضع “أحمد حامد” رهن الإقامة الجبرية

ازدادت حدة الخلافات البينية التي أخذت تعصف بقيادات الصف الأول للمليشيا الحوثية الإرهابية، بعد أن بدأ خطر كل جناح يهدد بقاء الآخر والسعي وراء التفرُّد بالسيطرة والنفوذ.

وفي آخر المستجدات التي عرَّتها الصراعات الحوثية في مضمار الاستحواذ على مراكز النفوذ، كشف مصدر رفيع لوكالة “خبر”، عن وضع قيادي بارز في لدى المليشيا الحوثية رهن الإقامة الجبرية، في محافظة صعدة “معقل المليشيا”، بأوامر مباشرة من زعيم الجماعة “عبدالملك الحوثي”.

وقال المصدر، إن زعيم المليشيا الحوثية استدعى القيادي لديها “أحمد حامد”، المعروف بـ”أبومحفوظ”، ووضعه رهن الإقامة الجبرية في محافظة صعدة، المعقل الرئيس للحوثيين.

وبحسب المصدر، قطعت المليشيا الاتصال والتواصل عن “حامد” حتى لا يتمكن من تنفيذ اية عمليات معادية لها.

واعتبر مراقبون اختفاءه وعزله بهكذا طريقة يؤكد عمق الخلاف الذي اخذ يضرب قيادات الصف الاول.

ولعل الصراع القائم بين “حامد” وقيادات الصف الاول ليس بجديد على الجماعة، حيث ذكرت تسريبات ان وزير التربية والتعليم في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) ان وزيرها “يحيى الحوثي” -شقيق زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي- دخل الأشهر الماضية في صراع كبير مع “الأول”، بعد أن اتهمه الأخير بالفساد وابتزاز المنظمات الدولية، قبل أن يغادر صنعاء ويعتكف في صعدة احتجاجًا على ذلك.

حامد والفساد

وكشفت مصادر مطلعة، في وقت سابق، عن ابرام صفقات فساد بملايين الدولارات، بين “حامد” وآخر يدعى “القاسم عباس”، والأخير رئيس ما تسمى بـ”الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث” – وهي هيئة اسستها المليشيا كغطاء لنهب المساعدات، فضلا عن عشرات المنظمات الوهمية التي يديرها “عباس”، وهي في الاصل تعود للمدعو “حامد”، ومن ثم توريد المبالغ الى حسابات اشخاص موثوق بهم وصرف هذه المبالغ سريا بنظر “حامد” دون علم “مهدي المشاط” بتفاصيل تصريفها.

وذكرت المصادر، أن الصفقات شملت مساعدات واتفاقيات بملايين الدولارات، خُصصت لأعمال وأنشطة مبالغ فيها، ولانها لا تستحق هذه المبالغ دخلت المنظمات الداعمة في محاصصة صفقات الفساد، وكانت واحدة من تلك الاتفاقيات الموقعة في العام 2019م، اتفاقية مع منظمة حماية الطفل وبمبلغ يزيد عن (13) مليون دولار، وتقاسم المبلغ (الهيئة الوطنية ممثلة بـ”عباس”، وحامد، ومنظمة الأوتشا).

المصادر اتهمت “حامد” -آنذاك- بـ”خيانته” لما يسمى بـ”رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط”، ومع أن حدة التراشق بالتهم بين قيادات الصف الأول الحوثي خفتت نسبيا، إلا انه لا يعني انتهاءها، بقدر وصول المتصارعين على النفوذ والمال مهما كانت طريقة الحصول عليه إلى طريق مسدود، وبينمت لجأ الوزير “الحوثي” إلى مغادرة صنعاء، كان “المشاط” أكثر جرأة حين وضع شرطا وحيدا على زعيم المليشيا الحوثية، مقابل قبوله تمديد عام جديد لرئاسة “مجلس الحوثيين السياسي”، وهو الإطاحة ب”حامد” من مكتب رئاسة الجمهورية.

الحاكم الفعلي

التهم الموجهة ضد “حامد” لم يكن اي منها من خارج منظومة الحكم الحوثية، وبالرغم من ذلك استمر الرجل بتسيير اغلب هذه المنظومة طوعا وكرها، حد فرضه تعيينات في مجلس الشورى وهو ما اعتبره مراقبون “عينا لعبدالملك الحوثي”، فيما آخرون رجحوا بانه يستمد تلك القوة من مسقط رأسه في مران بمديرية حيدان، محافظة صعدة، وتوغله في عمق التنظيم الحوثي منذ بداية التأسيس، فهو يرى انه منح الجماعة الكثير بعكس آخرين بمن فيهم اشقاء واقارب زعيم المليشيا.

كل ذلك وما عززه من هجوم شنه القيادي لدى الجماعة وعضو مجلسها السياسي “سلطان السامعي”، لم يردع حامد.

وقال السامعي، في لقاء تلفزيوني بثته قناة الساحات الموالية للمليشيا، إن “أحمد حامد” أبرز المسؤولين المتورطين بقضايا الفساد ونهب أموال الدولة.

وأوضح أنه أصبح “الحاكم الفعلي ومعه أكثر من سبعين منصباً”، وأنه أوقف مجلس الشورى ليفرض فيه من يريد، وهو من أوقف هيئة مكافحة الفساد، مشيراً أنه يتصرف مع مجموعة من الفاسدين وكأن الدولة ملك خاص بهم.

وأشار أن أحمد حامد وجه برفض قبول أي توجيهات من رئاسة الوزراء أو أي وزارة ما لم يكن هو من أصدرها.

يذكر أن “حامد” واحد من أبرز قيادات الصف الأول لدى المليشيا، ومسؤول قطاعها الثقافي والاعلامي منذ المراحل الاولى لتأسيسها، وبدأ نشاطه في ذات المجال يبرز للعيان أكثر في العام 2003م، ليصبح المسؤول الاول والمباشر على هذا القطاع بما فيه رئاسة ما تسمى بـ”مؤسسة زيد علي مصلح للانتاج الاعلامي والفني”، واعلامية ما يسمى بـ”المجلس السياسي الحوثي”.

وقبل أن يتم تعيينه في العام 2017م مديرا لمكتب الرئاسة في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، عمل وزيرا للاعلام في حكومة المليشيا غير المعترف بها.