فضيحة كبرى| قيادات إخوانية تستورد النفط الإيراني المهرب وتورد قيمته للمليشيات الحوثية
منذ بدء الحرب في اليمن وعلى مدى أكثر من خمس سنوات، استثمر طرفا الصراع مآسي الحرب وأزماتها في سبيل صناعة امبراطوريات من الأعمال والشركات وكان ركيزتها الأساسية تجارة المشتقات النفطية وحجم السيولة الهائلة التي يتم إعادة تدويرها في هذا المجال.
ما هي إلا شهور قليلة منذ بدء الحرب حتى تتخذ المليشيات الحوثية وعبر ما تسمى باللجنة الثورية قراراً لتحرير سوق المشتقات النفطية، الذي همش دور شركة النفط اليمنية وأطلق يد الشركات التي تمتلكها قيادات حوثية، للتحكم في السوق استيراداً وتوزيعاً، وهي الفترة التي أذنت ببدء التلاعب الكبير والفساد الذي يفوق حجمه مئات المليارات في قطاع تجارة المشتقات النفطية وتورد إلى خزائن المليشيات.
الجماعة الحوثية أقرت كذلك سن جبايات وإتاوات على كل لتر بنزين أو ديزل بمسميات عدة، مثل بناء رصيف نفطي أو بناء محطة كهربائية، لكنها في حقيقة الأمر كانت تعود إلى خزائن الجماعة والتي تشرف عبر لجنتها النفطية المتفرعة من اللجنة الاقتصادية للجماعة على تجارة المشتقات وتنظيمها، وهي المسؤولة عن الفوضى والزيادات السعرية التي شهدت ارتفاعات خيالية، حيث وصل في بعض الأوقات قيمة جالون البنزين إلى 20 ألف ريال.
كما همشت المليشيات دور شركة النفط اليمنية والتي كانت مسؤولة عن توزيع المشتقات النفطية واستيرادها، وأنشأ قيادات المليشيات شركات لاستيراد الوقود وبيعه بأسعار مضاعفة وخيالية، منها خمس شركات تعود لمحمد علي الحوثي ومحمد عبدالسلام فليته وتاجر المبيدات دغسان.
ومن أشهر الشركات النفطية الحوثية الجديدة التي تتلاعب بأسعار الوقود، وتقوم بسحب الدولار من السوق المحلية، والمضاربة به، هي “ستار بلس يمن”، ويملكها “صدام الفقيه”، و”شركة أبكر”، ويملكها عبدالله أبكر عبدالباري، و”آزال بتروليك”، ويملكها محمد غوبر، و”جيما يمن”، ويملكها أحمد ماطرة.
كما تتواجد شركات “أتلانتك أويل” التي يملكها أحمد البيضاني، وشركة “يحيى عسيلي”، وشركة “فيول أويل”، التي يملكها شخص ينحدر من أسرة حوثية يدعى “قصي الوزير”، و”بلانسكو” ويملكها وديع الرعيني، و”نيشال” التابعة لمحمد نهشل.
كما ظهرت شركات نفطية جديدة على رأسها “أبراج اليمن”، و”الذهب الأسود”، و”الزهراء”، و”يمن كرود”، و”الجباحي”، و”أتيكو”، و”بتروليوس”، و”جازولين أمان”، و”الطاقة”، و”الشركة اليمنية للاستثمارات”، و”يمن إيلاف”، التي تعود ملكيتها على التوالي لشخصيات حوثية هي: علي قرشة، وعبدالله الوزير، وزيد الشرفي، ومحمد عبدالله الجباحي، وحمير الحثيلي، وناجي القعيصي، وحسين المطيعي، وعبدالله فاضل الحثيلي، وفاهم، وعبدالله دباش.
وبنفس توقيت القرار الحوثي بتحرير المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها، اتخذت حكومة هادي قرارا مماثلا واستفاد منه هوامير تجار المشتقات النفطية وعلى رأسهم رجل الأعمال أحمد العيسي والذي يعمل نائبا لمدير مكتب الرئاسة وأحد مدوري الأموال التي يتحصل عليها هادي ونجله جلال ونائبه علي محسن.
هوامير الإصلاح
التقط هوامير وتجار الحروب على الضفة الأخرى حجم المكاسب الحوثية من تجارة المشتقات النفطية وعملوا على وضع العراقيل والتحديات امامهم، ما يعني انهم دخلوا في مرحلة صراع من أجل تقاسم الأرباح والثروات الناتجة من تجارة المشتقات النفطية، فلفتوا انتباه لجنة العقوبات الأممية إلى المعونات النفطية الإيرانية للمليشيات الحوثية وعمل بعض الشركات الحوثية على إدخالها وبيعها عبر ميناء الحديدة.
لجنة الخبراء وبعد تحقيق حول الموضوع كشفت أنّ عائدات وقود مشحون من موانئ في إيران تسهم في تمويل مليشيا الحوثي بما يعمل على استدامة الحرب وإطالة أمدها.
اللجنة حددت عددا صغيرا من الشركات، سواء داخل اليمن أو خارجه، تعمل كشركات في الواجهة” من خلال استخدام وثائق مزيفة لإخفاء التبرعات النفطية.
ووجدت اللجنة أن “الوقود تم شحنه من موانئ في إيران بموجب وثائق مزيفة” لتجنب تفتيش الأمم المتحدة للبضائع.
وفي تقرير سابق للجنة، قال الخبراء إنهم يحققون في تبرعات وقود إيرانية شهرية بقيمة 30 مليون دولار.
كما أنشأت الحكومة هيئة اقتصادية لمراقبة شحنات النفط الداخلة إلى مناطق الحوثيين، عبر البحر، بالرغم من آلية الرقابة والتفتيش التي تعمل بها الأمم المتحدة، وهي في ذلك تفرض مزيدا من القيود حول الشركات العاملة في مجال استيراد المشتقات النفطية إلى مناطق المليشيات.
أسهمت هذه القيود في تراكم عدد السفن التي تعود لتجار حوثيين أو مقربين منهم، وانتظارها لاشهر في عرض البحر ما حملها غرامات الانتظار بمئآت الآلاف من الدولارات، فلا يوجد أمامها من حل سوى الرضوخ لمافيا تجارة المشتقات النفطية جنوبا بقيادة العيسي، أو الإقلاع عن تجارة المشتقات النفطية.
مؤشرات الرضوخ الحوثي
تؤكد مصادر اقتصادية أن الجانبين توصلا إلى حل وسط يتمثل في أن يحصل العيسي على نسبة من مبيعات المشتقات النفطية في مناطق الحوثيين، وان يحدد هو الأسعار، عبر هيئته الاقتصادية مقابل السماح بدخول السفن للتجار الملتزمين إلى ميناء الحديدة للتفريغ، واستئناف استيراد المعونات النفطية الإيرانية على أن يتم بيعها لشركات العيسي والذي يقوم بدوره بدفع ثمنها للمليشيات الحوثية، وهو ما أكده ناشطون في بلاغاتهم بشأن شحنات النفط التابعة للعيسي، مؤكدين أنها دعم إيراني سيدفع ثمنها للحوثيين بعد بيعها لمصافي عدن.
وكشف الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، أن باخرة تابعة لأحمد العيسي تحمل مشتقات إيرانية في غاطس ميناء عدن، وتنتظر الإذن بالدخول وتحمل اسم: Sabella is doing STS with Iranian ship loading Gasoil.
ونوه الناشطون إلى أن العيسي يعمل مع عدد من تجار المشتقات النفطية على شراء شحناتهم من سفن تهريب إيرانية قادمة من العراق.
تخادم حوثي إخواني
وبعد أن انكشف التعاون ما بين حزب الإصلاح ومليشيات الحوثي في اليمن وخروج التنسيق بينها للعلن، لم تتردد قيادات حزب الإصلاح في مأرب عن تحقيق أقصى استفادة ممكنة عبر الجماعة الحوثية بعد أن باعت إليها المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي لكي يجري ترويجها في السوق السوداء، على أن يتقاسم كلا الطرفين المكسب بينهما، بحسب ما أكده مصدر أمني في مأرب.
وأوضحت المصادر، أن قيادات الإصلاح المتواجدة في مأرب هي من تقوم بتزويد مليشيا الحوثي بالمشتقات النفطية والغاز المنزلي ليتم بيعه في السوق السوداء في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بل والأكثر من ذلك فإن قيادات الإصلاح تعمل على تسهيل نقل المشتقات النفطية والغاز من مأرب إلى مناطق سيطرة المليشيا ليتم بيعها في السوق السوداء.
وقالت المصادر إن الأرباح المالية الهائلة التي تجنيها المليشيا من السوق السوداء لبيع النفط والغاز يتم تقاسمها مع قيادات الإصلاح، مشيرة أن قيادات محسوبة على الإصلاح أيضاً تقوم باستيراد النفط من الخارج تحت أسماء وهمية وتصل الشحنات لميناء الحديدة لتقوم المليشيا الحوثية بتفريغ تلك الشحنات وبيعها في السوق السوداء وتقاسم أرباحها مع تلك القيادات