العراق.. أكبر مواجهة شعبية لنفوذ إيران والفساد السياسي
يتوقع العراقيون سيناريوهات عدة للوضع الذي تشهده بلادهم مع حلول عام ٢٠٢٠؛ فالاحتجاجات ما زالت مستمرة منذ أكثر من شهرين.
وتتعمق الصراعات بين مليشيات الحشد الشعبي في ظل مواصلة إيران خطتها بتحويل العراق إلى ساحة للحرب بالوكالة عنها ضد واشنطن.
ويشهد العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي مظاهرات شعبية في بغداد ومدن الجنوب، تستخدم مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران ضدها العنف المفرط.
وبحسب إحصائيات رسمية خلّفت المظاهرات التي تستمر حتى الآن نحو ٥٠٠ قتيل وأكثر من ٢٠ ألف جريح، بينما تواصل فرق الموت التابعة لهذه المليشيات عمليات خطف واغتيال الناشطين والصحفيين العراقيين.
ضغوط دولية لإنقاذ العراق
وينتظر العراقيون تدخلا دوليا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لإنقاذهم فيما إذا استمر تمسك إيران ومليشياتها والأحزاب التابعة لها بالسلطة بالعراق.
ولعل أبرز أشكال التدخل الدولي لإنقاذ العراق من إيران قد تكون من خلال عزل الحكومة العراقية وفرض عقوبات على المسؤولين العراقيين وقادة المليشيات الإيرانية.
وبدأت بوادر هذه العقوبات بعد إدراج أمريكا ٤ شخصيات عراقية من ضمنهم 5 من قادة المليشيات على لوائح العقوبات الدولية لانتهاكاتهم حقوق الإنسان وتورطهم في صفقات فساد.
وخلال الشهرين الماضيين أدانت الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات استخدام العنف ضد المتظاهرين العراقيين، وطلبت من الحكومة العراقية الاستجابة لمطالبهم لكن دون جدوى.
وهدد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بفرض عقوبات على مسؤولين عراقيين فاسدين.
وقال بومبيو، في مؤتمر صحفي: “الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي في الوقت الذي يجعل المسؤولون الفاسدون الشعب العراقي يعاني”.
وأكد أن واشنطن ستستخدم صلاحياتها لفرض عقوبات على الفاسدين الذين يسرقون ثروات العراق.
صراع مليشيات إيران
في غضون ذلك أشارت شذى العبيدي، الباحثة في الشأن العراقي، إلى أن عام ٢٠٢٠ هو عام الصراع الداخلي بين مليشيات الحشد على المناصب والأموال في العراق.
وأوضحت العبيدي، لـ”العين الإخبارية”، “أن الصراع بين مليشيات الحشد الشعبي بدأ يتعمق ويبرز خلال الشهرين الماضيين، وأن الاحتجاجات نجحت في كشف مدى هذا الصراع.
وتابعت: “شاهدنا اشتباكات بين هذه المليشيات في العمارة وفي الكوت، وفي النجف حتى وصلت إلى حد استخدامهم الطائرات المسيرة لقصف بعضهم بعضا”.
وتوقعت العبيدي “أن تكون هناك معارك أوسع بين هذه المليشيات خلال العام الجديد”.
وكشفت العبيدي عن أن الصراع الداخلي بين مليشيات الحشد هو جزء من خطة الحرس الثوري لإنهاء المظاهرات السلمية في العراق”.
وبيّنت: “بحسب المعلومات والتسريبات فإن الخطة تتضمن أيضا جر المتظاهرين السلميين إلى الاصطدام المسلح لإنهاء ثورتهم”.
“حزب الله العراق”
وأكدت الباحثة في الشأن العراقي أن إيران تسعى لتوحيد المليشيات الصغيرة في ظل مليشيا واحدة هي حزب الله العراق لتكون النسخة العراقية الكاملة من مليشيات حزب الله اللبنانية”.
وأوضحت أن هذه المليشيا تم إعداد مهامها؛ حيث إنها ستستخدم ضد الولايات المتحدة وحلفائها في العراق والمنطقة”.
وأشارت الباحثة إلى التسليح الذي زودت إيران به هذه المليشيات والتي تضمنت أسلحة ثقيلة وصواريخ”.
وقالت إن قيادة المليشيا ستكون لأبومهدي المهندس وسيكون قيس الخزعلي زعيم مليشيات عصائب أهل الحق نائبا له”.
وأكدت أن إيران ومليشياتها تجر العراق نحو الهاوية عبر جعل أرضه ساحة للحرب واستخدام أبنائه كوقود لها بهدف حماية نظام ولي الفقيه في طهران.
وعي عراقي يحل الأزمة
وأكد الكاتب والصحفي العراقي علي البيدر، أن العراق في عام ٢٠٢٠ سيكون مختلفا عما كان عليه خلال الأعوام الماضية.
وتابع البيدر، لـ”العين الإخبارية”: “بفضل زيادة الوعي المجتمعي وانتقال المطالب من المشاريع الفئوية والطائفية إلى المشاريع الوطنية سيكون العراق مختلفا وهذا ما يحدث في المظاهرات الحالية”.
ويحدد البيدر خيارين للأوضاع في العراق فيما إذا استمر الوضع الحالي كما هو الآن؛ أولهما الخلاص من التأثير الإيراني على العراق عبر قطع أيادي إيران وأتباعها في البلاد.
وأردف البيدر أن “الخيار الثاني يتمثل في محاولات إيران لإذكاء الصراع والفتنة بين فئات الشعب العراقي وخصوصا بين الأحزاب الشيعية وبالتالي اقتتال داخلي يؤدي إلى حرب أهلية ستحرق الأخضر واليابس”.
مواجهة بين الجيش ومليشيات إيران
من جانبه قال حامد الحربي الضابط السابق في الجيش العراقي، إن تحكم مليشيات الحشد الشعبي بالمال والسلاح والصواريخ والطائرات المسيرة في ظل استمرار الدعم الإيراني لها يضع العراق أمام أوضاع دولية صعبة.
وأوضح الحربي، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن خطر استهداف المليشيات للمصالح الأمريكية والقواعد العسكرية للجيش العراقي سيؤدي لبداية حرب بين القوات العراقية ومليشيات تخضع لإيران.
وأضاف الحربي: “شهدنا خلال ٢٠١٩ هجمات مكررة لمليشيات الحشد على قواعد الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب، وهذا يعني أن مكافحة الإرهاب وقسما كبيرا من الجيش العراقي لم يخضعا لإيران ولسليماني”.
وتابع أن القوتين تشكلان عائقا أمام سيطرة مليشيات الحشد على الملف الأمني والمؤسسة العسكرية العراقية بالكامل؛ ما سيدفع المليشيات لمهاجمتهم باستمرار.
بدوره يرى الناشط المدني العراقي أمجد المالكي أن “الأوضاع ستبقى كما هي، سوف تستمر عمليات الاغتيال والقتل تجاه فئات معينة من الشعب، وستستمر الجهات المجهولة والمليشيات بزعزعة الأمن لذلك كل شيء مرهون باستجابة الساسة الآن إلى مطالب الشعب”.
ولم يستبعد المالكي حدوث تغيير على المستوى السياسي إذا ما غُير قانون الانتخابات، ونظمت انتخابات مبكرة نزيهة بإشراف دولي لانتخاب حكومة وطنية تقود العراقيين إلى الاستقرار”.