ديسمبر انطلقت لتصنع تأييد شعبي ترفض مليشيا الحوثي

سمير الصنعاني

لم يكن ثمة إجماع شعبي على رفض عنصرية وكهنوتية جماعة الحوثي وتأييد لإنهاء سيطرتها العسكرية والسياسية مثلما هو الإجماع الذي نجده اليوم، والذي ظهر بشكل غير مسبوق منذ غدر العصابة الحوثية بحليفها المؤتمر الشعبي العام وزعيمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام، والإقدام على اغتياله واغتيال رفيقه الأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا.

لقد مثّل انقلاب المليشيا الحوثية على تحالفها مع المؤتمر الذي سعى من خلاله إلى جر الحركة الحوثية إلى مربع الشراكة الوطنية والحفاظ على مؤسسات الدولة وإدارة شؤونها وفقاً لنصوص الدستور والأنظمة والقوانين بداية لإحداث تحول في فكر ووعي الناس، وإدراكهم أن العصابة الحوثية بفعلها ذلك تصر على تنفيذ مشروعها المليشاوي القائم على العنف والقتل وتصفية كل من يقف في طريق مشروعها المذهبي العنصري أكان شريكاً أو حليفاً أو عدواً، صديقاً أو خصماً، ناقداً أو ناصحاً.

قبيل ديسمبر 2017م كان بإمكانك أن تسمع الناس يبدون تأييدهم وتعاطفهم مع حركة الحوثي وإشادتهم بتصدرها لمشهد المواجهة لـ”العدوان الخارجي الذي يقتل الأبرياء والعزل ويدمر كل شيء”، رغم الانتقادات التي يوجهونها للحركة وفشلها في إدارة شؤون الدولة في مختلف المجالات، وتجريفها لكل قيم وثوابت اليمنيين وفي المقدمة نظامهم الجمهوري وسلمهم الاجتماعي وتعايشهم المذهبي وأسلوب معيشتهم وعلاقاتهم وطرق إدارتهم لخلافتهم، لكن ذلك لم يعد ممكناً اليوم، ففي مختلف باصات النقل الجماعية، وفي قلب شوارع العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الحركة تسمع انتقادات حادة وغضباً غير مسبوق من البسطاء والعامة ضد هذه المليشيا التي تثبت – كما يقول سمير وهو يناقش ركاب أحد الباصات – كل يوم أنها مشروع يستهدف حكم اليمنيين بالقوة وتحويلهم إلى مجرد عبيد للمليشيا وقياداتها بمزاعم الحق الإلهي السخيفة والكاذبة.

الغضب الشعبي بات يتجاوز حالة السخط والانتقادات لعنصرية وفساد الحركة إلى إظهار التأييد لمعركة طردهم من المحافظات خاصة من الحديدة والساحل الغربي عموماً، حيث يجمع الناس أن نجاح المعركة ضد عصابة الحوثي في الحديدة سيمثل ضربة قاضية لإضعاف مشروع استمرارهم في السلطة مادياً وعسكرياً، ومقدمة لتوسع وتمدد المعركة ضدهم في المحافظات الأخرى خاصة القريبة والحدودية مع الحديدة وأهمها حجة وريمة والمحويت وصولاً إلى صنعاء.

لقد ظلت المخاوف تنتاب الناس خاصة في العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة لها جراء الدعاية الإعلامية للعصابة الحوثية كلما تردد الحديث عن معركة تحرير ميناء الحديدة وإمكانية أن ينعكس ذلك على تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع الأسعار وانعدام السلع الغذائية والتموينية والمشتقات النفطية وكل متطلبات الحياة اليومية في حال تحرير ميناء الحديدة من سيطرة الحركة الحوثية، خاصة وأن الدعاية الحوثية كانت تدعم مزاعمها بفشل ما يسمى بحكومة الشرعية في إدارة وتشغيل موانئ المناطق التي تحررت من سلطة الحوثي وخاصة ميناء عدن، إلا أن تلك المخاوف تكاد تنعدم اليوم حيث يرى (أبو أحمد) وهو مواطن يعيش في العاصمة، أن تحرير ميناء ومحافظة الحديدة من سيطرة الحوثيين لن يسهم في تحرير أبناء تهامة من ظلم وطغيان هذه العصابة، بل سيكون بداية لإنهاء سيطرتهم في المحافظات الأخرى.

ويضيف أبو أحمد لـ”نيوز يمن”: كنا نتخوف من إنهاء سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة أما اليوم فقد بتنا نشعر أن ذلك قد ينعكس إيجاباً على الناس من خلال إنهاء سيطرة المليشيا الحوثية على تجارة المشتقات النفطية وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة تكاد تكون الأغلى في العالم، وخاصة في حال فرض شروط على هذه العصابة والشركات التي تديرها في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات بان يتم البيع بأسعار كالتي في مأرب.

ويؤكد أبو أحمد أن الشروط التي فرضتها السلطات في مأرب على العصابة الحوثية فيما يتعلق بأسعار بيع الغاز المنزلي قد نجحت في اضطرار العصابة الحوثية إلى تحديد سعر (3000) ريال لقيمة الاسطوانة وتوفيرها بطريقة أنهت حالة الفوضى التي كانت سائدة قبل ذلك، رغم أن هذا السعر لا يزال مرتفعاً وعائداته تذهب إلى جيوب المليشيا الحوثية، إلا أنه أقل ضرراً من الأسعار السابقة التي كانت تصل إلى 5000 ريال لاسطوانة الغاز، وهو الأمر الذي يمكن أن ينسحب على موضوع أسعار المشتقات النفطية في حال تم طرد المليشيا الحوثية من ميناء ومحافظة الحديدة وإدارته من قبل السلطات المخولة بذلك دستورياً وقانونياً ووفقاً لرؤية تجعل منه أنموذجاً لإعادة عمل مؤسسات الدولة وقيامها بواجباتها في توفير الخدمات للناس بعيداً عن حكم العصابة التي حولت إيرادات ميناء الحديدة بل والمحافظة وكافة المنشآت الحيوية والاقتصادية فيها إلى حسابات المليشيا وقادتها.